هل تكفي الغرامات؟
منذ بداية شهر رمضان المبارك، ونحن نسمع عن حملات الرقابة والغرامات والإنذارات التي تصدرها إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد للتجار، والمرتبطة بعمليات زيادة أسعار السلع، وعلى الرغم من استمرار بعض الممارسات السلبية من جانب التجار من حين لآخر، إلا أنه من الواضح أن تلك الحملات كان لها أثر جيد في التخفيف من عمليات استغلال المستهلكين، مقارنة بما كنا نراه في سنوات ماضية.
فقد أعلنت «حماية المستهلك» عن عشرات المخالفات والإنذارات في مناطق مختلفة من الدولة، سواء في محال «هايبر ماركت» أو أسواق الخضار أو غيرها من المتاجر المعنية ببيع السلع الاستهلاكية والغذائية منها على وجه التحديد، تلك المخالفات التي تم إصدار الكثير منها عبر حملات تفتيشية علنية وبحضور وسائل الإعلام المحلية، وحملات أخرى سرية، ومثلت رادعاً للكثير من التجار الذين اعتادوا على رفع الأسعار في المناسبات وفي غير المناسبات، فكانت النتيجة تحسن مستوى ضبط السوق، وإن كان الأمر بحاجة إلى مزيد من الجهود لتنظيم هذه العملية خلال السنوات المقبلة.
أعتقد أنه من المطلوب أن تكون هناك آليات جديدة للرقابة على الأسواق، بحيث يتم إحكام الرقابة طوال أشهر العام، وليس في شهر واحد فقط، وهو ما يستدعي توافر إمكانيات مادية وبشرية أكبر مما هو موجود حالياً، كما أنه من المطلوب أيضا أن تسهم جهود إدارة حماية المستهلك، بقدر أكبر من التوازن في التعامل مع التجار، فلماذا لا نسمع سوى عن المخالفات والتجاوزات والإنذارات، ولماذا لا نرى آلية أخرى تبرز من يمكن تسميتهم بـ «التجار الطيبين» الذين التزموا خلال السنوات الماضية بعدم ارتكاب أي مخالفات تضر بالمستهلك، ولماذا لا يكون هناك نوع من التقدير لهذه الشريحة من التجار ليكونوا قدوة إيجابية لغيرهم ممن يعمل بالسوق.
نحن نحتاج إلى مزيد من العمل من جانب الجهات المعنية بالرقابة على الأسواق، فما المانع من وجود قوائم لدى وزارة الاقتصاد بأسماء المحال التجارية، بحيث تضم قائمة سوداء للتجار الذين تكثر منهم التجاوزات، وقائمة رمادية وأخرى بيضاء توضع فيها أسماء المحال الملتزمة، لماذا لا يتم وضع تصنيفات للتجار والمحال بناء على مدى التزامهم بالمسؤولية تجاه المجتمع والمستهلكين، مثلها مثل تصنيفات الفنادق، فهناك تصنيف الخمس نجوم وهناك تصنيف النجمة الواحدة.
اقتربنا من نهاية شهر رمضان المبارك، وطوال هذا الشهر الفضيل كنا نرى جهوداً إيجابية من جانب الوزارة لحماية الأفراد والمستهلكين وقدراً من السيطرة على السوق، لكن ما سنحتاجه في المرحلة القادمة هو إعادة تنظيم هذه الجهود بحيث تعطي نتائج أفضل ويكون انعكاسها أكثر فعالية على المستهلكين، وأعتقد أنه حان الوقت لندرك أن الحملات العلنية واستغلال سلاح الإعلام لردع التجار، لا يمثل سوى جزء من آليات الرقابة على الأسواق، بينما هناك أجزاء أخرى وآليات كثيرة نحتاج إلى تطبيقها في المستقبل، آليات تغطي كافة الجوانب في أسواقنا الاستهلاكية، وتمنح عمليات الرقابة قدراً أكبر من التنظيم والشمولية.
hussain.alhamadi@admedia.ae